فصل: تفسير الآية رقم (235):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام



.تفسير الآية رقم (235):

الآية السابعة والأربعون:
{وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}.
الجناح: الإثم، أي لا إثم عليكم.
والتعريض ضد التصريح وهو من عرض الشيء أي: جانبه كأنه يحوم حول الشيء ولا يظهره. فالمعرض بالكلام يوصل إلى صاحبه كلاما يفهم معناه.
قال في الكشاف: الفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له.
والتعريض: أن تذكر شيئا يدل به على شيء لم تذكره كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا: وحسبك بالتسليم مني تقاضيا.
وكأنه إمالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض ويسمى التلويح لأنه يلوح منه إلى ما يريده. انتهى.
والخطبة: بالكسر ما يفعله الطالب من الطلب والاستلطاف بالقول والفعل، وأما الخطبة بضم الخاء فهي: الكلام الذي يقوم به الرجل خاطبا.
{أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} معناه سترتم وأضمرتم من التزويج بعد انقضاء العدة.
والإكنان: التستر والإخفاء ومنه بيض مكنون ودر مكنون.
{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} أي لا تصبرون عن النطق لهن برغبتكم فيهن فرخص لكم في التعريض دون التصريح.
{وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا}، معناه على سر. وقد اختلف أهل العلم في معنى السر: فقيل أي نكاحا، وإليه ذهب جمهور العلماء أي: لا يقل الرجل لهذه المعتدة: تزوجيني بل يعرض تعريضا.
وقيل: السر الزنا، أي: لا يكون منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها. قاله جابر بن زيد وأبو مجلز والحسن وقتادة والضحاك والنخعي واختاره ابن جرير الطبري.
وقيل: السر: الجماع، أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع ترغيبا لهن في النكاح وإلى هذا ذهب الشافعي في معنى الآية.
قال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو رفث من ذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز. وقال أيضا: أجمعت الأمة على كراهة المواعدة في العدة للمرأة في نفسها وللأب في ابنته البكر وللسيد في أمته.
{إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً} قيل: هو استثناء منقطع بمعنى: لكن. والقول المعروف: هو ما أبيح من التعريض، ومنع صاحب الكشاف أن يكون منقطعا وقال:
هو مستثنى من قوله: {لا تُواعِدُوهُنَّ} أي مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة فجعله على هذا الاستثناء مفرغا ووجه كونه منقطعا أنه يؤدي إلى جعل التعريض موعودا وليس كذلك لأن التعريض طريق المواعدة لا أنه الموعود في نفسه.
{وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ} أي على عقدة النكاح وحذف على. قال سيبويه في هذه الآية: لا يقاس عليه. وقال النحاس: أي لا تعقدوا عقدة النكاح لأن معنى تعزموا وتعقدوا واحد.
وقيل: إن العزم على الفعل يتقدمه فيكون في هذا النهي مبالغة لأنه إذ نهى عن التقدم على الشيء كان النهي عن ذلك الشيء بالأولى. {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ}: يريد حتى تنقضي العدّة، والكتاب هنا: هو الحد والقدر الذي رسم من المدة سماه كتابا لكونه محدودا ومفروضا كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (130)} [النساء: 103]. وهذا الحكم- أعني تحريم عقد النكاح في العدة- مجمع عليه.

.تفسير الآية رقم (236):

الآية الثامنة والأربعون:
{لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}.
المراد بالجناح هنا: التبعة من المهر ونحوه، فرفعه رفع لذلك: أي لا تبعة عليكم بالمهر ونحوه: {إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} على الصفة المذكورة {ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} ما مصدرية ظرفية بتقدير المضاف: أي مدة عدم مسيسكم.
وقيل: شرطية من باب اعتراض الشرط على الشرط ليكون الثاني قيدا للأول، والمعنى: إن طلقتموهنّ غير ماسين لهنّ.
وقيل: موصولة: أي إن طلقتم النساء اللائي لم تمسوهن.
وهكذا اختلفوا في قوله: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} فقيل: {أو} بمعنى {إلا} أي: إلا أن تفرضوا.
وقيل: بمعنى إلا: أي: إلا أن تفرضوا.
وقيل: بمعنى حتى: أي حتى تفرضوا.
وقيل: بمعنى الواو: أي وتفرضوا. ولست أرى لهذا التطويل وجها. ومعنى الآية أوضح من أن يلتبس فإن اللّه سبحانه رفع الجناح عن المطلقين ما لم يقع أحد الأمرين أي مدّة انتفاء ذلك الأحد، ولا ينتفي الأحد المبهم إلا بانتفاء الأمرين معا، فإن وجد المسيس وجب المسمى أو مهر المثل. وإن وجد الفرض وجب نصفه مع عدم المسيس، وكل واحد منهما جناح أي المسمى أو مهر المثل أو نصفه.
واعلم أن المطلقات أربع: مطلقة مدخول بها مفروض لها- وهي التي تقدم ذكرها قبل هذه الآية- وفيها نهى الأزواج عن أن يأخذوا مما آتوهن شيئا وأن عدّتهنّ ثلاثة قروء.
ومطلقة غير مفروض لها ولا مدخول بها- وهي المذكورة هنا- فلا مهر لها بل المتعة، وبين في سورة الأحزاب أن غير المدخول بها إذا طلقت فلا عدّة لها.
ومطلقة مفروض لها غير مدخول بها وهي المذكورة بقوله سبحانه هنا: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}.
ومطلقة مدخول بها غير مفروض لها وهي المذكورة في قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. والمراد بقوله: {ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}: ما لم تجامعوهن. والمراد بالفريضة هنا: تسمية المهر.
{وَمَتِّعُوهُنَّ}: أي: أعطوهنّ شيئا يكون متاعا لهنّ، وظاهر الأمر الوجوب وبه قال علي وابن عمر والحسن البصري وسعيد بن جبير وأبو قلابة والزهري وقتادة والضحاك.
ومن أدلة الوجوب قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا (49)} [الأحزاب: 49].
وقال مالك وأبو عبيد والقاضي شريح وغيرهم: أن المتعة للمطلقة المذكورة مندوبة لا واجبة لقوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة: 236] أي: أن الوفاء بذلك والقيام به شأن أهل التقوى، وكل مسلم يجب عليه أن يتقي اللّه سبحانه.
وقد وقع الخلاف أيضا: هل المتعة مشروعة لغير هذه المطلقة قبل المسيس والفرض أو ليست بمشروعة إلا لها فقط؟
فقيل: إنها مشروعة لكل مطلقة وإليه ذهب ابن عباس وابن عمر وعطاء وجابر بن زيد وسعيد بن جبير وأبو العالية والحسن البصري والشافعي- في أحد قوليه- وأحمد وإسحاق.
ولكنهم اختلفوا هل هي واجبة في غير المطلقة قبل البناء والفرض أم مندوبة فقط؟
واستدلوا بقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} وبقوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: 28]. والآية الأولى عامة لكل مطلقة، والثانية في أزواج النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد كنّ مفروضا لهنّ مدخولا بهن.
وقال سعيد بن المسيب: إنها تجب للمطلقة إذا طلقت قبل المسيس، وإن كانت مفروضا لها لقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ (49)} [الأحزاب: 49]... إلخ قال هذه الآية التي في الأحزاب نسخت بالتي في البقرة.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المتعة مختصة بالمطلقة قبل البناء والتسمية لأن المدخول بها تستحق جميع المسمى أو مهر المثل. وغير المدخولة التي قد فرض لها زوجها فريضة: أي يسمى لها مهرا. وطلقها قبل الدخول المستحق نصف المسمى.
ومن القائلين بهذا ابن عمر ومجاهد ووقع الإجماع على أن المطلقة قبل الدخول والفرض لا تستحق إلا المتعة إذا كانت حرة، وأما إذا كانت أمة فذهب الجمهور إلى أن لها المتعة. وقال الأوزاعي والثوري: لا متعة لها لأنها تكون لسيدها، وهو لا يستحق مالا في مقابل تأذي مملوكته لأن اللّه سبحانه إنما شرع المتعة للمطلقة قبل الدخول والفرض لكونها تتأذى بالطلاق قبل ذلك.
وقد اختلفوا في المتعة المشروعة: هل هي مقدورة بقدر أم لا؟
فقال مالك والشافعي: لا حدّ لها معروف، بل ما يقع عليه اسم المتعة.
وقال أبو حنيفة: إذا تنازع الزوجان في قدر المتعة وجب لها نصف مهر مثلها ولا ينقص عن خمسة دراهم لأن أقل المهر عشرة دراهم وللسلف في ذلك أقوال.
{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} وهذا يدل على أن الاعتبار في ذلك بحال الزوج فالمتعة من الغني فوق المتعة من الفقير ولا ينظر إلى قدر الزوجة وقيل: هذا ضعيف في مذهب الشافعي، بل ينظر الحاكم باجتهاد إلى حالهما جميعا على أظهر الوجوه {مَتاعاً} أي متعوهن متاعا {بِالْمَعْرُوفِ}: ما عرف في الشرع والعادة الموافقة له. {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}: وصف لقوله متاعا أو مصدر لفعل محذوف: أي حق ذلك حقا.

.تفسير الآية رقم (237):

الآية التاسعة والأربعون:
{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)}.
أي تجامعوهن، وفيه دليل على أن المتعة لا تجب لمثل هذه المطلقة لوقوعها في مقابل المطلقة قبل البناء والفرض التي تستحق المتعة. {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ}: أي فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهنّ من المهر. وهذا مجمع عليه.
وقد وقع الاتفاق أيضا على أن المرأة التي لم يدخل بها زوجها ومات وقد فرض لها مهرا تستحقه كاملا بالموت، ولها الميراث، وعليها العدة.
واختلفوا في الخلوة: هل تقوم مقام الدخول وتستحق المرأة بها كمال المهر كما تستحقه بالدخول أم لا؟ فذهب إلى الأول مالك والشافعي- في القديم- والكوفيون والخلفاء الراشدون وجمهور أهل العلم وتجب عندهم أيضا العدة. وقال الشافعي- في الجديد- لا يجب إلا نصف المهر وهو ظاهر الآية لما تقدم من أن المسيس هو الجماع.
ولا تجب عنده العدة، وإليه ذهب جماعة من السلف.
{إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}: أي المطلقات ومعناه يتركن ويصفحن، وهو استثناء مفرغ من أعمّ العام.
وقيل: العام، وقيل: منقطع. ومعناه يتركن النصف الذي يجب لهنّ على الأزواج ولم يسقط النون لكونها ضميرا وليست بعلامة إعراب. وهذا ما عليه جمهور المفسرين. وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}، الرجال وهو ضعيف لفظا ومعنى.
{أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ}: قيل: هو الزوج، وبه قال جبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وشريح وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعكرمة ونافع وابن سيرين والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وجابر بن زيد وأبو مجلز والربيع بن أنس وإياس بن معاوية ومكحول ومقاتل بن حيان. وهو الجديد من قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن شبرمة والأوزاعي ورجحه ابن جرير.
وفي هذا القول قوة وضعف: أما قوته فلكون الذي بيده عقدة النكاح حقيقة هو الزوج لأنه هو الذي إليه رفعه بالطلاق.
وأما ضعفه فلكون العفو منه غير معقول، وما قالوا به من أن المراد بعفوه أن يعطيها المهر كاملا غير ظاهر لأن العفو لا يطلق على الزيادة.
وقيل: المراد بقوله: {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ}، هو الولي. وبه قال النخعي وعلقمة والحسن وطاووس وعطاء وأبو الزناد وزيد بن أسلم وربيعة والزهري والأسود بن يزيد والشعبي وقتادة ومالك والشافعي في قوله القديم وفيه أيضا قوة وضعف: أما قوته فلكون معنى العفو فيه معقولا، وأما ضعفه فلكون عقدة النكاح بيد الزوج لا بيده. ومما يزيد هذا القول ضعفا أنه ليس للوليّ أن يعفو عن الزوج مما لا يملكه. وقد حكى القرطبي الإجماع على أن الوليّ لا يملك شيئا من مالها، والمهر مالها. فالراجح ما قاله الأولون لوجهين: الأول: أن الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح حقيقة، الثاني: أن عفوه بإكمال المهر هو صادر عن مالك مطلق التصرف بخلاف الولي. وتسميته الزيادة عفوا وإن كان خلاف الظاهر لكنف لما كان الغالب أنهم يسوقون المهر كاملا عند العقد كان العفو معقولا لأنه تركه لها ولم يسترجع النصف منه. ولا يحتاج في هذا أن يقال إنه من باب المشاكلة- كما في الكشاف- لأنه عفو حقيقي: أي ترك ما تستحق المطالبة به إلا أن يقال إنه مشاكلة أو تغليب في توفيته المهر قبل أن يسوقه الزوج.